مقال

أعضاء الطواقم الطبية في زمن الحرب

للأسف الشديد فإن الطبيبات والأطباء العرب هم مواطنون لا تعترف الدولة في الحياة اليومية والروتينية بأهميتهم وتتذكر كونهم موردًا ثمينًا في الأزمات وحالات الطوارئ فقط

نلاحظ في السنوات الأخيرة تزايدا  واضحا في نسبة الأطباء العرب من مجمل الأطباء في البلاد.[1] في نهاية العام 2021، شكّل الأطباء العرب %24 من مجمل الأطباء حتى سن 67 في إسرائيل[2]، وفي العام نفسه بلغت نسبة العرب والدروز الحاصلين على ترخيصات مهنية جديدة لممارسة الطب %43 من مجمل الحاصلين\ات عليها.[3] نسبة المواطنات والمواطنين العرب العاملات والعاملين في المهن الأخرى في قطاع الرعاية الصحية مرتفعة أيضًا.

يشكّل أعضاء الطواقم الطبية العرب في الحروب والأزمات المختلفة الأخرى (الكورونا، على سبيل المثال) موردًا وطنيًا مهمًا. يتغاضى هؤلاء، أثناء عملهم، عن إقصائهم السياسي ومعاناتهم من المنظمات الإجرامية في البلدات التي يعيشون فيها، ويقومون بدورهم بتفانٍ وإخلاص بحسب الأخلاقيات الطبية التي تلزِمِهُم بمعالجة كل مريض أيًا كانت ديانته أو قوميته. يعمل الأطباء العرب في أيامنا هذه على مدار الساعة، وحتى أنهم ينوبون عادة عن زملائهم اليهود المتجندين للخدمة في قوات الاحتياط.

قلّما يحظى هؤلاء الأطباء والطبيبات بالاعتراف والتقدير من قبل الحكومة أو الجمهور العام، واحتمال أن يصبحوا مواطنين ومواطنات متساوين في الحقوق بعد انتهاء القتال منخفض للغاية. سبق أن رأينا هذا في مواقف مختلفة، على سبيل المثال في رد الفعل العبثي الغير منطقي على ارتفاع نسبة طلاب الطب العرب الذي أدّى بأحزاب “الليكود”، “عوتسما يهوديت”، “هتسيوتوت هدتيت” و- “شاس” يشمل بند في الاتفاق التحالفي ينص على “تفضيل مصحح” لمؤدي الخدمة العسكرية في القبول لكليات الطب.[4]

الحاجة لأطباء وطبيبات عرب ليست مؤقتة ولن تمّر مع انتهاء الحرب والقتال; في العام 2020 بلغت نسبة الأطباء في إسرائيل 3.31 لكل ألف نسمة، وهو معطًى منخفض من المعدل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) – 3.64 طبيب لكل ألف نسمة.[5] سمعنا حتى قبل عدة أسابيع تصريحات من أطباء وطبيبات (اليهود) تعبّر عن رغبتهم بالهجرة كرد فعل على الانقلاب القضائي. إن عادت هذه التصريحات، وإن تحققت، ستسفر عن انخفاض أكبر بعدد الأطباء والطبيبات في إسرائيل وازدياد الاعتماد على الأطباء والطبيبات العرب.

هذا بالإضافة إلى أن الأطباء والطبيبات العرب (“جنود بالزي الأبيض” كما أسماهم فرات نصار)[6]  يمنحون المرضى العرب في المستشفيات العامة شعورًا بالطمأنينة والثقة في الدولة التي تقصيهم وتهملهم في شتى المجالات الحياتية. إن تلقي المرضى معاملة محترمة ومتساوية هي مركز وأساس مهمين تقوية المكانة المدنية للسكان العرب في البلاد.

للأسف الشديد فإن الطبيبات والأطباء العرب هم مواطنون لا تعترف الدولة في الحياة اليومية والروتينية بأهميتهم وتتذكر كونهم موردًا ثمينًا في الأزمات وحالات الطوارئ فقط. يعود هؤلاء الأطباء والطبيبات في نهاية كل يوم عمل إلى بلداتهم التي لم تعد أماكن آمنة، ومن الوارد حتى أن يكونوا هم بأنفسهم من ضحايا الجريمة المنظمة التي قتلت 856 رجل و- 143 امرأة من المواطنات والمواطنين العرب منذ كانون الثاني\يناير 2012 حتى حزيران\يونيو 2023.[7]

المستشفيات، حيث يعاني الكثيرون والكثيرات من الألم والمرض، هي أماكن للشراكة بين الأطباء اليهود والعرب أيضًا. يجدر بنا أن نتذكر هذه الشراكة وتعززها سواء في أوقات الطوارئ أو في الأيام العادية. هذه الشراكة هي أساس مهم للحياة في دولة ديمقراطية.

[1] تورسيناي أفيعاد، زونتاج نوعَم، بلوندهايم أورنا، فاينرِب ألِكس، تشارنيخوفسكي دوف، 2020. الأطباء في إسرائيل: اتجاهات في المميزات والتأهيل. القدس: مركز تاوب لبحث السياسات الاجتماعية في إسرائيل، ص. 15 – 16.

[2]  وزارة الصحة، 2022، القوى البشرية في قطاع الرعاية الصحية 2021، القدس، ص. 22.

[3]  وزارة الصحة. 2022. القوى البشرية في قطاع الرعاية الصحية 2021، القدس، ص. 7.

[4]  البند 20 للاتفاق التحالفي بين أحزاب الليكود، عوتسما يهوديت، هتسيونوت هدتيت وشاس، قبل تشكيل الحكومة الـ 37.

[5]  وزارة الصحة، 2021، القوى البشرية في قطاع الرعاية الصحية 2020. القدس، ص. 215.

[6] رابط للفيديو باللغة العربية: https://vt.tiktok.com/ZSNr57vj6/

[7]  كلور إستيبان. 2 آب\أغسطس 2023. حوادث القتل في المجتمع العربي: تقرير كمّي. تل أبيب: معهد البحث الأمني الوطني، جامعة تل أبيب