لقد حان الوقت لإحداث قفزة في السياسة الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل؛ علينا إعادة المصلحة العامة إلى مركز اهتمامنا هذا ما يوصي به تقرير مركز أدفا
قبل 35 عامًا، في 1 تموز (يوليو) 1985، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية بقيادة حزبَي العمل والليكود عن خطة طوارئ لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، الخطة التي تعرَف بأنها الخطة التي أدت إلى خفض التضخم من مستوى ثلاثي الأرقام إلى مستوى ثنائي الأرقام. دعت الخطة إلى تقليص وزن الحكومة في السوق الاقتصادي، وضع النمو الاقتصادي كهدف رئيسي للسياسة الاقتصادية ونقل مسؤولية النمو الاقتصادي من الحكومة إلى قطاع الأعمال. مدح الخبيرون الاقتصاديون التحول إلى “اقتصاد مفتوح أمام العالم يعتمد أكثر فأكثر على قوى السوق”، وأطلق المحاسب العام في وزارة المالية آنذاك على هذا التاريخ اسم “يوم الاستقلال الاقتصادي لإسرائيل”.
تتحدى البيانات الواردة في التقرير أدناه هذه الافتراضات وتشكك ببديهية فوائد “الاقتصاد الذس يعتمد على قوى السوق”.
ما حدث بالفعل هو أنه أصبح النمو الاقتصادي هدف السياسة الاقتصادية الرئيسي، ولكن يتضح لنا اليوم أن النمو الاقتصادي بحد ذاته لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين مستوى المعيشة. في جزء كبير من العقود الثلاثة الماضية، ارتفع إجمالي الناتج المحلي للفرد بنسبة أعلى من نمو الأجور. بعبارة أخرى، على الرغم من النمو الاقتصادي، لم تنعم غالبية السكّان منه إلى الحد المتوقع.
أدت قوى السوق الحرة إلى عدة أمور، من بينها تكوّن طبقة من العائلات ومجموعات الأعمال التي جمعت ثروة كبيرة وقوة عامة سمحت لها بالتأثير على توجهات التنمية وسياسات الضرائب وأنماط التوظيف. هذه الطبقة هي “المئوية العليا” و- “الألفية العليا” (أي الواحد بال مئة و- 0.1 بالمئة على قمة لائحة المدخولات بالتناظر) – التي لا بيانات رسمية منتظمة عنها، ما يشوه صورة عدم المساواة في البلاد.
خفضت خطة الطوارئ من وزن الحكومة في الاقتصاد ونجحت بذلك أكثر عن اللازم، حيث أن الإنفاق الحكومي المدني في إسرائيل اليوم هو من بين الأدنى في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الـ OECD). يعني ذلك أن الحكومة لا تمول خدماتها – الصحة، التربية، والتعليم العالي – بمستوى مشابه له في الدول الغربية، وتنقل عبء تمويل هذه الخدمات على المواطنين، خاصة من الطبقة الوسطى، التي تعد من الضئيلة في دول الـ OECD.
طبقة أخرى، تزيد عن ربع السكان بقليل، هي طبقة المواطنين\ات الذين\اللاتي يعيشون\يعشن تحت خط الفقر أو بمحاذاته. هذه الطبقة، التي شكّلت 28.3% من الأسر بين الأعوام 2009-2006، انخفضت إلى 26.0% في العام 2018. ومع ذلك، فإن معدل الفقر في إسرائيل لا يزال من الأعلى في دول الـ OECD.
يدعو د. شلومه سفيرسكي، الذي شارك في كتابة هذا التقرير إلى “إعادة المصلحة العامة إلى مركز سياسة الحكومة. هذا لا يعني تضييق نطاق قطاع الأعمال، بل تقوية أذرع الدولة”.
يضيف د. سفيرسكي أن على “ميزانية الدولة أن تتضمن محركات مساواة وليس محركات نمو اقتصادي فقط. على الدولة أن تستثمر في المجالات التي لا يستثمر فيها قطاع الأعمال. على الدولة وضع معايير أجور أعلى لعمالها الحاصلين على الحد الأدنى من الأجور. على الدولة أن تلبي الاحتياجات المتزايدة للنظام الصحي وأن تحد من خصخصته. عليها أن تطور إمكانية المساكن العامة بإيجار طويل الأمد. عليها أن تقوي شبكة الأمان الاجتماعي.”
إليكم مختارات من لمحة عن الوضع الاجتماعي 2020 :
- الزيادة الكبرى – مدخولات المئوية العليا: متوسط الدخل لدى المئوية العليا للأسر التي يرأسها أجير هو 138.7 ألف شيكل (2018). ليست هذه الزيادة أعلى بـ 8 مرات من دخل العُشرية الخامسة فقط، بل هي أعلى بشكل بارز – بـ 2.4 أضعاف – من متوسط الدخل لدى المئويات التسعة المتبقية من العشرية العليا.
- في حين ارتفع دخل المئوية العليا في السنوات الثلاث الأخيرة، 2016 – 2018، بنسبة 20%، ارتفع دخل ما تبقى من العشرية العليا والعشرية الخامسة بنسبة 10% فقط.
- إجمالي دخل الأسرة – يبلغ دخل العشرية العليا ضعف 12 من دخل العشرية الدنيا: في العام 2018 بلغ متوسط الدخل الشهري الإجمالي (قبل الضرائب) لدى المئوية العليا للأسر التي يرأسها أجير 66،584 شيكل، أي ما يعادل 12 ضعف من دخل الأسر في العشرية الدنيا والذي بلغ 5،501 شيكل.
- الزيادة في الأجور أقل من الزيادة في النمو: في الماضي، خلال العقدين ما بين 1968 و 1989، كانت الزيادة في إجمالي الناتج المحلي للفرد مصحوبة بزيادة موازية في الأجور. لكن في أوائل التسعينيات تكونت فجوة بين الاثنين عندما بدأ إجمالي الناتج المحلي للفرد ينمو أكثر من متوسط الراتب. خلال السنوات 2013 – 2014 بلغت الفجوة بين معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد ومعدل نمو الأجور الحقيقي ذروتها.
- أجور أكثر من خُمس الإسرائيليين هي أجور منخفضة للغاية: في العام 2017، حصل 22.6% من الإسرائيليين على أجور منخفضة، على خلاف الدول الغربية حيث يبلغ معدل الحاصلين على أجور منخفضة جدا 15.4%. تُعرّف منظمة الـ OECD الأجور المنخفضة على أنها الأجور التي لا تتجاوز ثلثي الأجر المتوسط في السوق الاقتصاد، وهو يشمل بموجب هذا المفهوم الأجيرين العاملين بوظيفة كاملة فقط.
- الزيادة في معدل الأجيرين الذين يتقاضون أجرا حتى الحد الأدنى للأجور: في العام 2017 كان معدل الأجيرين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور 33.6%. قبل عامين، في عام 2015، بلغ معدلهم 30.8%. يدل ذلك على أن العديد من الوظائف التي فتِحت في هذين العامين كانت بحد أدنى للأجور.
- الزيادة الكبرى في عدد الأجيرين الذين يتقاضون أجرا حتى الحد الأدنى من الأجور – في البلدات العربية: ارتفع معدل الأجيرين الذين يتقاضون حتى الحد الأدنى من الأجور في كافة المناطق، ولكن الزيادة الكبرى حصلت في البلدات العربية. فيما يلي نسبة الإرتفاع بحسب نوع المجموعة السكانية في عام 2017 بترتيب تنازلي: المستوطنات الحريديت – 55%؛ البلدات العربية – 45%؛ مدن التنمية – 37 %؛ المستوطنات غير الحريديت – 31%؛ البلدات الميسورة – 26%.
- هرم الأجور حسب الخلفية العرقية، الجنس والقومية ثابت: في عام 2018، تربع الرجال الأشكنازيون من الجيل الأول، المهاجرين إلى البلاد قبل العام 1989 على أعلى جدول الأجور، براتب متوسط قدره 18،772 شيكل؛ يليهم الرجال الأشكينازيون من الجيل الثاني – 16،483 شيكل؛ الرجال الشرقيون من الجيل الثاني – 14،153 شيكل؛ الرجال الشرقيون من الجيل الأول الذين هاجروا إلى البلاد حتى عام 1989 – 13،578 شيكل؛ الرجال الأشكنازيون الذين هاجروا بعد عام 1990 – 13،179 شيكل؛ والنساء الأشكنازيات اللاتي هاجرن إلى البلاد حتى عام 1989 مع 11،918 شيكل. في أسفل الجدول تتواجد النساء العربيات واليهوديات الأثيوبيات – 5،722 شيكل و- 5،619 شيكل على التوالي.
- في العام 2018، لم يكن لقرابة 50% من الأسر التي يرأسها بالغ\ة في سن 67 وما فوق أي دخل تقاعدي: لأقل من نصف الأسر في العشرية الدنيا التي يرأسها أجير أو عامل بأعمال حرة لم تكن ادخارات تقاعدية – 47.2%، 63.8% في العشرية الثانية و74% العشرية الثالثة. من العشرة الرابعة فما فوق تراوحت نسبة الأسر مع مدخرات الراتب التقاعدي من 83% إلى 88%. إجمالاً، في العام 2018، 20.7% من الأسر التي ترأسها أجير أو عامل بأعمال حرة لم يكن أي معاش تقاعدي على الإطلاق. في العام 2018، لم يكن لدى 44.7% من الأسر التي يرأسها شخص بالغ يبلغ من العمر 67 عامًا أو أكثر دخل تقاعدي على الإطلاق.
- الطبقة الوسطى في إسرائيل هي من الأكثر ضآلة في دول الـ OECD: فقط 53.8% من الأسر في إسرائيل هم من الطبقة المتوسطة. الطبقة الوسطى في إسرائيل هي من الأكثر ضآلة في دول الـ OECD، وهي أصغر منها في كافة الدول الأوروبية الأعضاء في المنظمة باستثناء إستونيا وليتوانيا.
- %26 من الأسر تحت خط الفقر أو بمحاذاته: يشير الجمع بين الأسر التي تعيش تحت خط الفقر والأسر التي تعيش بمحاذاته إلى أنه بين العامين 2003 و 2012 شملت كلتا الطبقتين حوالي 28٪ من مجمل الأسر. حل انخفاض في العام 2016 إلى 26.6%. حل في العام 2018 انخفاض إضافي في معدل الفقر الرسمي وكان معدل الفقر الإجمال، إلى جانب السكان الذين يعيشون بمحاذاة خط الفقر، 26% من مجمل الأسر – أي واحدة من كل أربع أسر تقريبا. تجدر الإشارة إلى أن الانخفاض في نسبة الفقر الرسمية في العام 2018 تعود إلى اختزال سكان القدس الشرقية من الإحصائيات.
- حل انخفاض بسيط بنسبة اللامساواة لكنها لا تزال مرتفعة للغاية: يبلغ مؤشر جيني (الأكثر حتلنة) الصادر عن معهد التأمين الوطني للعام 2018 – 0.3559. هذا هو المعطى الأدنى منذ حوالي عقدين. ومع ذلك، لا يزال المعطى أعلى منه في معظم الدول الأعضاء في منظمة الـ.
- التعليم العالي – واحد من بين كل ثلاثة طلاب فقط:7% فقط من بين الذين بلغت أعمارهم 17 عاما في العام 2010 توجه حتى العام 2018 إلى واحدة من مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل.
- فجوات كبيرة في الاستثمار في التعليم اللامنهجي أيضًا: في العام 2018 ارتفع الإنفاق للأطفال حتى جيل 18 على دروس المساعدة والدورات مع الوضع الاقتصادي للأسرة. بلغ متوسط الإنفاق على كل طفل في الأسر اليهودية من الطبقة العليا على دروس مساعدة ودورات 401 شيكل شهريا – 10 أضعاف ما ينفَق على طفل تحت خط الفقر أو بمحاذاته. في الأسر العربية بلغ متوسط الإنفاق في الطبقة الوسطى حوالي 100 شيكل شهريا – 5 أضعاف ما ينفَق على طفل تحت خط الفقر أو بمحاذاته.
- الإسكان – يتم تحويل 70% من الدخل من الإيجار إلى الأسر في العشريات الثلاث العليا: التأجير الخاص هو في الأساس تحويل رأس المال من الطبقات ذات الدخل المنخفض إلى الطبقات الميسورة.
في العام 2018، بلغ إجمالي المدخولات من الإيجار 17.06 مليارد شيكل. من هذا الدخل، وصل 7.18 مليار شيكل للعشرية العليا، 3.1 مليارد شيكل للعشرية التاسعة، و- 1.7 مليار شيكل إسرائيلي للعشرية الثامنة. بعبارة أخرى، تلقت العشريات الثلاث العليا مجتمعة 70% من إجمالي الدخل من الإيجار لكافة الأسر، بينما تلقت العشرية العليا وحدها حوالي 42% من هذا الدخل.
- جهاز الصحة: معدل وفيات الرضع في انخفاض، لكنه مضاعف لدى الأسر العربية. أداء جهاز الصحة العامة يمنح إسرائيل مكانة محترمة بين الدول المتقدمة. مثلا، معدل وفيات الرضع: في العام 2017 بلغ المعدل 3.1 لكل 1000 مولود حي وهي نسبة وضعت إسرائيل في مرتبة جيدة بين دول الـ OECD. ومع ذلك، في العام 2018 بلغت نسبة وفيات الرضع لدى العرب – 4.8 أعلى منه لدى اليهود وآخرين – 2.5.
- أصبح التأمين التكميلي والخاص تجارة ضخمة: بلغ إنفاق الأسر في العام 2000 على التأمينات التكميلية والخاصة وعلى المشاركة في اقتناء الأدوية والعلاجات 4.6 مليار شيكل (بأسعار 2018)؛ في العام 2018 ارتفع المبلغ إلى 14.4 مليار شيكل.