مقال

زعزعة الأمن الاقتصادي والشخصي لدى النساء العربيات في ظل الحرب

لحرب “السيوف الحديدية”، المندلعة منذ 7 أكتوبر 2023، عواقب وخيمة على النساء العربيات في إسرائيل على صعيد الأمن الاقتصادي والأمن الشخصي. لهذه العواقب، في كلا المجالين، إسقاطات اجتماعية واقتصادية أوسع نطاقًا فيما يتعلق بحصانة العائلة والمجتمع، الإسرائيلي عامة، والعربي خاصة.

لحرب “السيوف الحديدية”، المندلعة منذ 7 أكتوبر 2023، عواقب وخيمة على النساء العربيات في إسرائيل على صعيد الأمن الاقتصادي والأمن الشخصي. لهذه العواقب، في كلا المجالين، إسقاطات اجتماعية واقتصادية أوسع نطاقًا فيما يتعلق بحصانة العائلة والمجتمع، الإسرائيلي عامة، والعربي خاصة.

على صعيد الانخراط في سوق العمل، حل منذ العام 2012 ارتفاع ملحوظ بنسبة النساء العربيات في سن العمل (25-64) وصلت نسبتهن إلى 46% تقريبًا عشية الحرب، في سبتمبر 2023. شمل هذا الارتفاع نساءً من جميع الفئات العمرية وهو نتاج عدة أمور، من أبرزها تنفيذ (وإن كان جزئيًا) الخطة الخماسية السابقة وسياسات دعم الانخراط في سوق العمل (مراكز التوجيه، التدريب المهني، مراكز الرعاية النهارية للأطفال، تطوير البنية التحتية وغيرها). في الأشهر الأولى التي تلت الحرب، حل انخفاض في نسبة النساء العربيات العاملات – حيث بلغت 41% في نوفمبر 2023. بالمقابل، انخفضت نسبة الرجال العرب المنخرطين في سوق العمل من 77% في سبتمبر إلى 66%.[1]

وفقا لتقرير صادر عن بنك إسرائيل، فإن الانخفاض الطارئ على نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل في أكتوبر، كان مماثلا له لدى النساء اليهوديات. واحد من الأسباب المشتركة لتغيّب النساء اليهوديات والعربية عن سوق العمل هو إغلاق الأطر التربوية مع اندلاع الحرب. تغيبت النساء اليهوديات عن العمل خلال هذه الفترة أيضًا بسبب تجنيد أزواجهن لخدمات الاحتياط. ليس هذا المعطى ذي صلة للنساء العربية، وكنا سنتوقع لذلك أن يكون الانخفاض في العمل لديهن أقل منه لدى النساء اليهوديات.[2] كما سنرى أدناه، فإن خوف النساء العربيات من القدوم إلى العمل في بيئة مختلطة قد يوفر تفسيرًا للانخفاض في نسَب العاملات منهن. يقول بنك إسرائيل أيضًا أن في الشهرين نوفمبر وديسمبر 2023، حل ارتفاع ما مشابه في نسبة النساء اليهوديات والعربيات العاملات، وكانت أقل بنسبة 3 نقاط مئوية عن مستواها في الفترة التي سبقت الحرب. يذكر التقرير أيضًا أن حل انخفاض بنسبة الرجال العرب العاملين أيضًا، بنسب أكبر وبانتعاش أبطأ.[3] من المهم مع ذلك أن نذكر أن نسب الانخراط في سوق العمل لدى النساء العربيات هي، بداية، الأدنى منها لدى جميع الفئات في سوق العمل وأن متوسط ​​رواتبهن هو الأدنى (6,099 شيكل شهريًا في المتوسط ​​في العام 2021، مقارنة بـ 8,670 شيكلًا لدى جميع النساء).[4]

إلى جانب الانخفاض في نسب الانخراط بسوق العمل، أفادت نساء عربيات كثيرات عن انخفاض في ساعات العمل. أدت التوترات بين المجتمعين، العربي واليهودي، إلى تقلص فرص العمل أكثر حتى، خاصة في البيئات المختلطة، ولذلك علاقة بانعدام الشعور بالأمان أيضًا: أفادت 40% من النساء العاملات في بيئة يهودية عربية مختلطة بانخفاض في ساعات العمل مقارنة بـ 27% من النساء العاملات في بيئة عربية. [5]

كشف استطلاع أجرته منظمة تسوفن بين مهندسي هايتك عرب، في ديسمبر 2023، عن مشاعر انعدام الأمان في العمل وفي الأماكن العامة خلال الحرب، بالإضافة إلى خوف كبير من التعبير عن المواقف الشخصية. برزت هذه المشاعر لدى النساء اللاتي كن أكثر خوفا من الذهاب إلى العمل (30% من النساء مقابل 16% من الرجال) ومن التحدث باللغة العربية في مكان العمل (19% مقابل 13% على التوالي). كما أنهن كنّ أكثر خوفًا من التجول في المناطق اليهودية أو المختلطة (38% من النساء مقابل 30% عمن الرجال).[6]

يرتبط انعدام الأمن الشخصي كذلك بنسبة الجريمة والقتل المرتفعة في المجتمع العربي وإهمال سلطات الدولة لها، هذا إلى جانب تخفيف إجراءات ترخيص الأسلحة النارية، ما سيؤدي إلى توسيع نطاق انتشار الأسلحة، القانونية منها وغير القانونية، ما قد يؤدي إلى تفاقم الخطر على النساء في البيوت وفي الفضاء العام. بين العامين 2020-2022، قُتِلت 27 امرأة عربية بأسلحة نارية، معظمها غير قانونية.[7]

التقليصات في الخطط الخماسية المخصصة للمجتمع العربي والتي تهدف لتطويره ولتقليص الفجوات، إلى جانب تجميد مخصصات الموازنة للسلطات المحلية العربية، تضر بالمجتمع العربي، بما في ذلك ببرنامج الرفاه الاجتماعي ومراكز الحصانة لمساعدة الشبيبة في خطر وكبار السن والنساء ضحايا العنف. هذا إلى جانب تقليص ميزانيات الوزارات الحكومية، من بينها وزارات الصحة والرفاه الاجتماعي والتربية والتعليم، التي تواجه تحديات جديدة لم يسبق أن واجهتها في السابق، وتجد صعوبة في تقديم الخدمات في ظل ظروف النقص الحاد في الميزانيات والأيدي العاملة. تواجه النساء العربيات العاملات في هذه الأنظمة تحديات إضافية: يشير تقرير أصدرته جمعية آذار إلى أنه، وبالإضافة إلى النقص في الأخصائيات الاجتماعيات وعملهن في وظائف منخفضة الأجر، إلى جانب الضغوطات النفسية في فترات العنف والتوترات القومية، تواجه الأخصائيات الاجتماعيات العربيات شعورًا بالإقصاء من قبل زملائهن اليهود، إلى جانب الشعور العجز والقلق وتجنب الحديث عن القضايا السياسية.[8]

الحد من المساس المتواصل بالنساء العربيات خاصة والمجتمع العربي عامة، يتطلب جهودا متواصلة، بالإضافة إلى استثمار الموارد من جانب الحكومة والسلطات المحلية لخلق بيئات آمنة وداعمة، يتاح للنساء العربيات أن تزدهرن فيها اقتصاديا واجتماعيا. هذه الجهود ضرورية للحول دون حصول المزيد من التدهور في مكانتهن الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز اندماجهن الكامل في المجتمع الإسرائيلي.

[1] ميعاري، سامي، وأرنون باراك. 2023. “تأثير الحرب وتوجهات الانخراط في سوق العمل في المجتمع العربي”، التقرير الرابع، سلسلة “نياروت”; نتاج عمل المنتدى الاقتصادي العربي. كانون الأول 2023; تحاوكو مريان، عميت لفينتال وأيالا فرتوش. 2023. تأثير الحرب على الانخراط في سوق  العمل في المجتمع العربي. المركز المختص بالسياسات الاقتصادية في المجتمع العربي، معهد أهرون.
[2] بنك إسرائيل 2024. تقرير 2023.
[3] بنك إسرائيل 2024. تقرير 2023.
[4] دائرة الإحصاء المركزية، استطلاع نتائج 2023.
[5] ميعاري وباراك، 2023.
[6] تسوفن، 2024. عمال الهايتك العرب في زمن الحربمس عام. استطلاع أجرته شركة ناس بتكليف من منظمة تسوفن.
[7] الكنيست، مركز البحث والمعلومات. 2023. أسئلة تتناول ارتكاب الجرائم باستخدام الأسلحة النارية المرخصة.
[8]منصور، لما. 2024. حرب، رفاه وحصانة. جمعية آذار.