إن تقليص البرامج لتوظيف النساء والرجال من المجتمع العربي معناه تكريس الفجوات بين العرب واليهود والإضرار في الاقتصاد الإسرائيلي برمّته، خاصة في ظلّ المسّ بتوظيف العرب منذ اندلاع الحرب.
تنوي الحكومة إجراء تقليص كبير في الخطّة الخماسية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي للأعوام 2026-2021.[1] ويدور الحديث عن تقليص بنسبة 15% من ميزانية الخطّة[2] التي رصد لها مبلغ 30 مليارد شيكل.[3]
ومن بين البرامج التي قد تتضرّر من جرّاء هذا التقليص وتعمّق بذلك الفجوات بين المجتمع العربي وعامّة السكّان، هو برنامج دمج الشبّان والشابات العرب في سوق العمل، والذي رصد له مبلغ 1.4 مليار ش.ج على مدار خمس سنوات. وبحسب قرار الحكومة رقم 550، وكجزء من الهدف العام زيادة معدّلات التشغيل في صفوف الشبان والشابات العرب في جيل العمل، تقرّر التركيز على مجموعتين مستهدفتين: رجال ونساء عرب من فئة الشباب( أعمارهم 18- 35)من ذوي الثقافة الثانوية وما دون وشابات عربيات( أعمارهنّ 18- 35) من ذوات الثقافة الأكاديمية وما فوق الثانوية.واستنادا على هذا القرار تمّ وضع برنامجين مختلفين، بما في ذلك توجيه لوظائف نوعية، تأهيل مهنيي، إكساب مهارات لغويّة،تحفيز الانخراط في قطاع الهايتك وتقديم محفّزات للمشغّلين الذين يدمجون عاملين عربا.[4]
هناك ثمّة أهمية للتطبيق الكامل لبرامج دعم وتشجيع العمل في صفوف النساء والرّجال العرب بغية استنفاذ القدرة الكاملة الكامنة في هذه البرامج.وذلك على ضوء مؤشّرات أوليّة على نجاح البرامج حتّى في هذه الفترة.
بحسب الباحثين سامي ميعاري وبراك أرنون[5] فقد طرأ تحسّن على معدّلات التوظيف في صفوف النساء العربيات، إذ وصل في عام 2023( عشيّة الحرب) إلى 44.8%، وذلك بفضل عدّة أمور ومن بينها الخطة الخماسية. بيد أن هذه النسبة ما تزال أقلّ من نسبة التوظيف لدى النساء اليهوديات اللواتي لسن من طائفة “الحريديم”، حيث وصلت نسبتهنّ في عام 2022 إلى -83.2%.[6] بالنسبة للرجال العرب، فإن نسبة توظيفهم شهدت عام 2023 ارتفاعا تخطّى الهدف الذي حدّدته الحكومة لسنة 2026. ولكن من المتوقّع أن ترتفع هذا النسبة بشكل معتدل حتّى 79% فقط في عام 2030، ولن تصل إلى نسبة 83% وهي النسبة المستهدفة كما تمّ تحديدها في أهداف الحكومة (وهذا وفق توقّعات ميعاري وبراك[7]). لذلك هناك حاجة ماسّة لمواصلة رصد ميزانية لهذه البرامج، بغية رفع نسبة توظيف النساء والرجال العرب طبقا لأهداف الخطّة .
معدّلات عمل النساء والرجال العرب في 2019، 2023 وبحسب أهداف الخطّة الخماسية[8]
إن تقليص البرامج لتوظيف النساء والرجال من المجتمع العربي معناه تكريس الفجوات بين العرب واليهود والإضرار في الاقتصاد الإسرائيلي برمّته، خاصة في ظلّ المسّ بتوظيف العرب منذ اندلاع الحرب.[10]
الفجوات القائمة في مجال التوظيف بين العرب واليهود هي كبيرة. متوسّط أجور الرجال العرب بلغ، حتّى عام 2021 حوالي 64% من متوسّط أجور الرجال اليهود، بينما متوسّط أجور النساء العربيات بلغ في السنة ذاتها نحو 67% من متوسّط أجور النساء اليهوديّات.[11] وهذا عائد إلى حقيقة كون تمثيل العاملين العرب في فروع العمل ذات الأجر العالي منخفضا جدّا . فعلى سبيل المثال، نسبة توظيف العرب في فرع الهايتك بلغت عام 2019 2% فقط، مقابل نحو 64% في صفوف الرجال اليهود من غير “الحريديم” الذين يشغلون وظائف في هذا الفرع .[12]
إن دمج العرب في سوق العمل يعود بالفائدة على الاقتصاد الإسرائيلي عامة، وذلك لأن إمكانية ارتفاع الناتج المحلّي الإجمالي في إسرائيل مردّه إلى النمو في التوظيف، الذي يساهم في حوالي ثلثي النمو الاقتصادي في إسرائيل[13]. لذلك فإن النمو في معدّلات التوظيف ونوعيّته في صفوف العرب، من شأنها أن تساهم في نمو ّالاقتصاد الإسرائيلي وجسر الفجوات بين إسرائيل وبقية دول ال- OECD.