ينتقد التقرير التعامل الحكوميّ الروتيني مع القضايا الاجتماعية: النمو، النمو ثم النمو. المعطيات لا تدعم ادعاءات الحكومة
ينتقد التقرير التعامل الحكوميّ الروتيني مع القضايا الاجتماعية: النمو، النمو ثم النمو. المعطيات لا تدعم ادعاءات الحكومة.
منذ انتهاء الانتفاضة الثانية، شهد الاقتصاد الإسرائيلي معدلات نمو جيدة جدًا، تفوق معدّلات النمو في أوروبا الغربية: ففي الفترة ما بين عام 2000 و2014، ارتفع ناتجنا المحلي الإجمالي بمعدّل 3.3% في السنة، مقارنة ب 1.6% فقط في دول منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). تباعًا لذلك، كان من المتوقّع أن ينعكس هذا الأمر في الوضع الاقتصادي لجميع الإسرائيليين. إلا أن متوسّط الأجور تقريبًا لم يتغيّر.
المعطيات المتوفرة على المدى الأطول، والتي زودّتنا بها مؤسّسة التأمين الوطني، تشير إلى أنّه منذ حوالي 25 عام، خاصة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية، لم تصحب النمو في الناتج المحلي الإجمالي للفرد زيادة موازية في الأجر الحقيقي. وفي عام 2014، أصبحت الفجوة بينهما أكبر من أي وقت مضى.
ما يلي بعض النتائج الأخرى للتقرير:
1. ثمار النمو، وبدلا من أن تتغلغل نحو الأسفل، كما يدّعي قادة السوق، تتغلغل، على نحو غير طبيعي، نحو الأعلى.
- حصة المشغّلين في “كعكة” الدخل القومي ارتفعت في العقد الأخير (2004-2014) من 14% إلى 17%، وذلك على حساب العمّال، الذين انخفضت حصتهم من 61% إلى 57%.
- أجر الموظّفين الكبار ارتفع بشكل ملحوظ: بلغ متوسّط تكلفة أجر المدير العام في واحدة من الشركات ال 100 المدرجة في مؤشّر “تل أبيب 100″، في عام 2014، 5.01 مليون شاقل في السنة، أو 417 ألف شاقل في الشهر. متوسط تكلفة الأجر السنوية لأصحاب أكبر خمسة مناصب في هذه الشركات بلغ 3.64 مليون شاقل، أو 303 ألف شاقل في الشهر. تشير هذه المبالغ إلى حدوث انخفاض ما، مقارنة بعام 2013، ولكنها لا تزال خيالية بالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين.
- في عام 2014، كان متوسط تكلفة أجور أصحاب أكبر خمسة مناصب في الشركات المذكورة أعلاه أكبر 32 مرة من متوسط الأجور في السوق (9,373 شاقل، للعمال الإسرائيليين فقط) وأكبر 70 مرة من الحد الأدنى للأجور في ذات السنة (4,300 شاقل).
- في المقابل، تلقى 31.3% من الأجيرين في السوق (في عام 2013) الحد الأدنى من الأجور، وما دون ذلك.
- 22.1% تلقوا أجرًا تعتبره منظمة ال OECD “منخفضًا”-أجر لا يزيد عن ثلثيّ متوسط الأجور في السوق، وهذه النسبة مرتفعة جدًا مقارنة بدول ال OECD.
- في المستويات المنخفضة في سلّم الأجور، كان تمثيل النساء أعلى من تمثيل الرجال: في عام 2013، 32.5% من عامة النساء الأجيرات تلقوا أجرًا لا يزيد عن الحد الأدنى للأجور، مقارنة ب 18.1% من الرجال الأجيرين الرجال.
- التمثيل المُفرط في المستويات المنخفضة في سلّم الأجور يميّز الأجيرين العرب أيضًا: في عام 2014، كان متوسط أجرهم أقل ب 29% من متوسط الأجور. في نفس الوقت، زاد متوسط الأجور الذي تلقاه الأجيرين من اليهود الشرقيين عن المعدّل ب 12%، في حين زاد متوسّط الأجور الذي تلقاه الأجيرين من اليهود الغربيين عن المعدّل ب 38%.
2. كانت نسبة غير العاملين في إسرائيل في شهر تشرين الأول من العام 2015 منخفضة، ولكن:
- المعدّل القطري يخفي في طياته فجوات كبيرة جدًا بين البلدات والفئات السكانية: في التحليل المقارن بين البلدات يتضح أنّ البلدات العربية تتصدّر جدول البطالة، وخاصة البلدات البدوية في جنوبيّ البلاد. في البلدة البدوية الأكبر، وهي رهط، بلغت نسبة طالبي العمل، في شهر آذار 2015، 31.4%. سجّلت نسبة مماثلة في بعض البلدات العربية الكبرى في شماليّ البلاد-أم الفحم (29.8%)، عرابة (28.8%)، سخنين (25.3%)، طمرة (23.7%) والمغار (23.4%). في غالبية البلدات اليهودية، كانت نسبة البطالة أقل من 5%، بينما سجّلت نسب أعلى في بلدات التطوير مثل ديمونا (15.1%) ويروحام (13.8%).
3. الطريق الأمثل نحو مستقبل فردي واقتصادي-اجتماعي أفضل هو التعلّم والالتحاق بالتعليم العالي.
- الاندماج في مختلف مجالات العمل والحصول على أعلى الأجور مشروط عامة بالتعليم العالي. ولكن، بحسب إحصائيات 2014، فقط 29.1% من الفتيان/الفتيات الذين كانوا في ربيعهم ال 17 في عام 2006 بدأوا يدرسون حتى عام 2014 في مؤسّسة إسرائيلية للتعليم العالي. نسبة الشبان والشابات اليهود الملتحقين بالتعليم العالي يساوي ضعف نظرائهم العرب.
- عام 2013/4، 13.8% من الشباب في الفئة العمرية 29-20 في إسرائيل كانوا ملتحقين بالجامعات والكليات الأكاديمية. توزيعهم بحسب البلدات لم يكن متكافئًا على الإطلاق: في البلدات المتينة اقتصاديًا بلغت النسبة 22.2%، في بلدات التطوير 12.6% وفي البلدات العربية 8.4%.
- التفسير الأساسي للنسبة المنخفضة للملتحقين بالتعليم العالي هو النسبة المنخفضة للشباب/الشابات الذين يحصلون على شهادة البجروت. الاستحقاق لشهادة البجروت شهد تقدمًا وتراجعًا من حيث النسب: في 2013، ارتفعت نسبة المؤهّلين لنيل شهادة بجروت إلى 53.4%، ولكن في 2014 سجّل انخفاض طفيف.
- نسبة الملتحقين بالدراسات الأكاديمية من بين خرّيجي المسار التعليمي النظري-– 42.2% -أعلى من نسبتهم من بين خرّيجي مسار التعليم المهني– 33.1%.
4. غالبية المدارس التابعة لشبكات التربية والتعليم الكبرى– 71% -تقع في بلدات التطوير والبلدات العربية. في غالبية البلدات المتينة اقتصاديا، تقع مدارس للتأهيل المهني، إن وجدت، في الأحياء “الجنوبية”.
5. جميع المعطيات أعلاه تنعكس في نهاية المطاف في المستوى الصحي.
المستوى الصحي يعكس جودة الحياة، وعلى نحو أكثر شمولية، الفروقات الاجتماعية العامة، جودة التغذية، جودة البيئة، جودة المسكن، درجة الوعي للمخاطر الصحية، جودة النقل، طبيعة التشغيل، البعد عن مراكز الخدمات الطبية وما إلى ذلك. الفروقات في جودة الحياة تنعكس في مؤشّرين رئيسيين، المستخدمين في جميع أنحاء العالم للدلالة على الفجوات في المستوى الصحي: معدّل وفيات الرضّع ومتوسط العمر المأمول.
- بلغ معدل وفيات الرضّع في إسرائيل 3.1 في عام 2013. وقد درّجها هذا المعدّل في المرتبة ال 14 من بين دول ال OECD. انخفضت النسبة بشكل كبير منذ عام 1970، لدى اليهود ولدى العرب. مع ذلك، تزيد نسبة وفيات الأطفال اليوم (2010-2014) لدى السكان العرب-6.4-عن نسبة الوفيات لدى السكان اليهود ب 2.6 مرة.
- ينطبق الأمر كذلك على متوسط العمر المأمول عند الولادة، وهو مرتفع نسبيًا في إسرائيل: في عام 2013، وضع متوسط العمر المأمول لدى الرجال في إسرائيل-80.3 سنة، الدولة في المرتبة الثالثة-مرتبة ممتازة-من بين جميع دول ال OECD. متوسط العمر المأمول لدى النساء-83.9، وبالرغم من أنه أعلى من متوسط عمر الرجال، إلا أنّه يضع إسرائيل في مرتبة أدنى ولكنها جيدة أيضًا-المرتبة -11 من بين جميع دول ال OECD. بالإضافة إلى ذلك، يشهد معدّل العمر المأمول في إسرائيل ارتفاعًا مستمرًا. مع ذلك، متوسط العمر المأمول لدى الرجال اليهود-81.1-أعلى من متوسط عمر الرجال العرب-76.9. كما يزيد متوسط العمر المأمول لدى النساء اليهوديات-84.5-عن نظيره لدى النساء العربيات-81.2.
6. فيما يتعلّق بالقضايا الاجتماعية، تعوّل دولة إسرائيل على النمو الاقتصادي.
ولكن كما رأينا، فإنّ ثمار النمو تغلغلت أساسًا نحو الأعلى بدلا من الأسفل. مواجهة عدم التكافؤ تتطلّب تدخّلا سياسيًا جادًا. المشكلة تكمن في أنّ حكومات إسرائيل قامت تدريجيًا بتقليص قدراتهن على التحرّك، وعلى وجه الخصوص قدراتهن المتعلقة بالميزانيات. أدى ذلك إلى تراجع وتقلّص الخدمات الاجتماعية التي توفّرها الدولة: خدمات التربية والتعليم، الصحة، الرفاه والضمان الاجتماعي. الإنفاق الحكومي الشامل في عام 2014 (يشمل السلطات الحكومية)، والذي بلغ 41.2% من الناتج المحلي الإجمالي، يضع إسرائيل في نفس الخانة مع دول شرق أوروبا والدول ذات الإنفاق الحكومي المنخفض مثل نيوزيلندا وكندا (والتي تخصّص تكاليف أقل للشؤون الأمنية مقارنة بإسرائيل).
- بالإضافة إلى ذلك: اهتمامات الحكومات الإسرائيلية موجهة أساسًا نحو القضايا السياسية والأمنية، وعلى رأسها الصراع مع الفلسطينيين، والذي ينعكس في مواجهات عنيفة تندلع في فترات متقاربة. حكومات إسرائيل غير متفرّغة لتطوير خطط طويلة الأمد لزيادة نسبة الاستحقاق لشهادة البجروت، زيادة عدد الطلاب الجامعيين أو توسيع حدود “أمة الستارت-أب” خارج “دولة تل أبيب”.