كل من يعز عليه وضع المؤسسة الصحية العامة يجب أن يدعم ضم قانون التسويات بندا يدعو إلى إخراج الأدوية المنقذة للحياة من المستوى الثاني لخدمات التأمين المكملة المعتمدة في صندوقي المرضى “مكابي” و”كلاليت”. إن من يعترض على البند بصورته الحالية إنما ينطلق من دافع التعاطف مع المرضى الذين بحاجة إلى الأدوية المنقذة للحياة التي لم … متابعة قراءة الأدوية منقذة الحياة للجميع
لا بد من القول أولا إنه إذا اقتصرت الأدوية المنقذة للحياة على المؤمّنين في برنامج للتأمين المكمل، سوف يحرم ما يزيد عن نصف السكان من هذه الأدوية لعجزهم عن توفير المبالغ لتمويل مستويين من التأمين المكمل. لا تتعدى نسبة المؤمَّنين صحيا القادرين اليوم على الحصول على هذه الأدوية الـ20% (أي أعضاء “مكابي” الذين يملكون برنامج التأمين المكمل)، ما يعني أن عدد الحاصلين على الأدوية لا يتجاوز الـ1,400 شخص لا غير! فيما لا يحصل مؤمَّنو “كلاليت” على مستوى التأمين الثاني بشكل تلقائي، بل عليهم أولا التسجيل للحصول عليه، ثم يتحتم عليهم الانتظار لمدة سنتين. أما صندوقا المرضى “لئوميت” و”مئوحدت”، اللذان يضمان سوية نحو 20% من مجموع المؤمَّنين في إسرائيل، فغير قادرين على توفير كافة الأدوية الجديدة لأعضائهما بسبب صغر حجمهما. ثم إن عدد المؤمَّنين في برنامج التأمين المكمل من بين المسنين وأصحاب الدخل المنخفض والمصابين بالأمراض المزمنة متدنٍّ للغاية. أي أن الأمر يشكل ضربة قاسية بالحقوق الصحية لشرائح المجتمع الضعيفة.
ثانيا، إن وقف منح الأدوية المنقذة للحياة على المؤمنين في برامج التأمين المكمل، عوضا عن إرفاقه بالسلة الأساس، سوف يسفر عن تقلُّص السلة الأساس (العامة) وانتعاش السلة المكملة (الخاصة)، ما “يشرّع” مستقبلا إدخال تعديلات تقنية على السلال المكملة وفي الوقت نفسه تجاوز السلة الأساس. وهنا نذكر بأن الغاية الرئيسة من برامج التأمين المكمل كانت لدى تأسيسها تقديم خدمات غير جوهرية (nice to have) للمؤمنين المستعدين دفع أقساط تأمين إضافية.
ثالثا، مستوى برامج التأمين المكمل الإضافي لا يناسب القدرة المالية لكل راغب في الانضمام. إذ أن تكلفته تعادل عشرات الشواقل للفرد الواحد ومئات الشواقل للأسرة (لا يمكن اقتناء المستوى الثاني دون اقتناء المستوى الأول). علاوة على ذلك، لا يقتصر الحق بتسلم الأدوية منقذة الحياة على دفع القسط الإضافي فحسب، بل هو مشروط كذلك بنسبة التحمل التي يتعين على المريض دفعها بواقع مئات الشواقل لاستلامه الدواء، ويستثنى من هذه القاعدة الحالات المسماة “صعبة” (السرطان والإيدس والثلاسيميا والهيموفيلياوحالات الفشل الكلوي التي تقتضي عمليات غسيل كلوي وما شابه). وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الأوساط في وزارة الصحة وصناديق المرضى ترى أنه لا يمكن تمويل الأدوية منقذة الحياة لأمد بعيد بمستويات الأقساط المعتمدة اليوم، أي من المتوقع حصول ارتفاع في الأسعار وانخفاض في التغطية.
رابعا، إن الإبقاء على الأدوية منقذة الحياة في إطار برامج التأمين المكمل من شأنه أن يعيدنا إلى تلك الحقبة التي سبقت سن قانون تأمين الصحة الرسمي، حين كان كل صندوق للمرضى يملك سلة للخدمات الصحية تختلف عن سائر الصناديق، علاوة على رسوم عضوية يحددها بمفرده. بل سيصبح الوضع أكثر سوءا، إذ سنشهد حالة يكون فيها منح الأدوية منقذة الحياة حكرا على صندوق المرضى الغني الذي يملك مؤمَّنين مقتدرين.
يحاول قانون التسويات، الذي يفرض علينا عادة قرارات جائرة، أن يصحح هذه المرة خطأ ارتكبه صندوقا المرضى “مكابي” و”كلاليت” عندما وضعا مصلحة مؤمنيهما فوق مصلحة عموم المؤمنين. وهو يحاول أيضا تصحيح خطأ ارتكبه ذلك الموظف الذي صادق على الوضع الراهن في وزارة الصحة.
المرضى الذين يتلقون الأدوية في إطار التأمين الإضافي سوف يستمرون في تلقيها. بيد أن إبقاء منح الأدوية منقذة الحياة تحت مظلة التأمين الإضافي يضر بالمجتمع الإسرائيلي بأسره، ويهدد بانتقال المؤسسة الصحية من واقع تسود فيه سلة جماهيرية واسعة إلى جانب سلة مكملة بحجم مقلص، إلى واقع تسود فيه سلة مكملة إلى جانب سلة أساس ضئيلة الحجم.
يجب أن تكون الأدوية منقذة الحياة في إطار السلة الأساس وليس في برامج التأمين المكمل. إن إلغاء المستوى الإضافي وإقامة جهاز منظم يُعنى بإجراء تعديل تكنولوجي للسلة الأساس يمثلان الطريق الصحيح لتعزيز المؤسسة الصحية ونجاعتها وصيانة طابعها الجماهيري العام.
كل من يعز عليه وضع المؤسسة الصحية العامة يجب أن يدعم ضم قانون التسويات بندا يدعو إلى إخراج الأدوية المنقذة للحياة من المستوى الثاني لخدمات التأمين المكملة المعتمدة في صندوقي المرضى “مكابي” و”كلاليت”.