القلب الإسرائيليّ في غرب أوروبا، الرجْلان في الهوامش الشرقية والجنوبية للقارّة
1. يحبّ الإسرائيليّون موضعة أنفسهم كجزء من غرب أوروبا، لكن – في غالبية المقاييس الاجتماعية والاقتصادية – نحن مصنّفون في الهوامش الشرقية والجنوبية للقارّة. إنّ معدّل الدخل الصافي للمرافق البيتية شبيه بذلك الموجود في سلوﭬـينيا، إسبانيا، اليونان، والتشيك. كذلك هو، أيضًا، الناتج المحلّيّ الخام للفرد، ومعدّل الأجور في السوق. إنّ معدّل الفقر في إسرائيل يبعدنا جدًّا عن “الغرب” ويقرّبنا من دول جنوب أمريكا، بين تشيلي والمكسيك.
2. في العقد الأخير (2004-2013) شهد الاقتصاد الإسرائيليّ نموًّا تجاوز نموّ دول غرب أوروبا. لكن لا يمكن أن يكون ذلك وَحده كفيلًا بأن يقرّبنا منها؛ أوّلًا، بُغية الوصول إلى مستوى المعيشة السائد هناك يجب أن تنمو إسرائيل بوتيرة أعلى من الوتيرة الحالية؛ ثانيًا، بُغية أن يرتفع مستوى معيشة جميع الإسرائيليين يجب أن تتوزّع ثمار النموّ بشكل متساوٍ أكثر.
إنّ إسرائيل لا تستفرغ وُسعها في استفاد قدرتها الكامنة على النموّ، وذلك – بين أشياء أخرى – لسبب غياب تسوية سياسية مع الفِلَسطينيين، ولسبب تواتر المواجهات العنيفة معهم. لقد أدّت الانتفاضتان إلى إلحاق ضرر فعليّ بالاقتصاد الإسرائيليّ؛ لكن المواجهات المحدودة، أيضًا، تتكرّر جدًّا: حملة “أيام الغضب” (2004)؛ “قوس قزح” (2004)؛ “أوّل المطر” (2005)؛ “أمطار الصيف” (2006)؛ “شتاء ساخن” (2008)؛ “الرصاص المصبوب” (2008-2009)؛ “عمود السحاب” (2012)؛ و”الجرف الصامد” (2014). إنّ الإسقاطات الاقتصادية المباشرة لكلّ واحدة من هذه المواجهات كانت محدودة أكثر – يقدّر بنك إسرائيل أنّ “الجرف الصامد” قلّصت الناتج المحليّ الخام بـ 0.3% – لكنّ تراكمها يضرّ – في المدى البعيد – بمجموعات سكانية وبمناطق كثيرة، ويخلق جوًّا من عدم الاستقرار.
الصعوبة الأخرى في الطريق إلى رفع مستوى المعيشة لمجمل الإسرائيليين هي أنّه في العقد الأخير – على الأقلّ – بدل أن تتغلغل ثمار النموّ في اتجاه الأسفل – على حدّ ادّعاء أرباب الاقتصاد، إنّها تتغلغل – بصورة غير طبيعية – في اتجاه الأعلى، بالذات. حصّة المشغّلين من كعكة الدخل القوميّ ارتفعت في العقد الأخير، من 11% إلى 15% من الكعكة، وذلك على حساب العاملين، الذين تراجعت حصّتهم من 66% إلى 62%. الأجر الوحيد الذي ارتفع جدًّا هو أجر المديرين الكبار: ارتفعت كلفة أجرهم بين الأعوام 2000-2010 ضعفين وأكثر. عام 2013 وقف معدّل كلفة أجر المديرين العامّين للشركات الـ 100 الكبرى التي تُتداول أسهمها في بورصة تل- أبيب (“تل- أبيب 100”) عند مبلغ سنويّ شامل من 6.158 مليون ش.ج.، أو 513 ألف ش.ج. في الشهر.
3. الغنى يزداد، أيضًا: بين السنوات 2003-2013 ارتفعت الأملاك المالية التي في حيازة الجمهور بـ 80% تقريبًا، من 1,704 مليارات ش.ج. إلى 3,048 مليار ش.ج. (بأسعار 2013). وإنّه بغياب معطيات عن توزّع هذه الأملاك بين طبقات المجتمع، يمكن، فقط، أن نقدّر – على أساس مع هو معروف من بلدان أخرى – أنّ قسمًا كبيرًا منها في حيازة العشر الأعلى، وداخله – أساسًا – الواحد من مائة والواحد من ألف الأعلى.
4. في المقابل، الكثير جدًّا من الإسرائيليين يتلقّون أجرًا معرَّفًا من قبل منظمة الـ OECD كمنخفض: حتى ثلثين من الأجر المتوسط. عام 2012 وقفت النسبة عند 22.1%، وقد موضعتنا قريبًا من أسفل سلّم الـ OECD – المكان الثالث من أسفل.
5. الأجر الشهريّ للنساء، الذي وقف عام 2003 عند نسبة 62.2% من الأجر الشهريّ للرجال، ارتفع – عام 2013 – إلى 68.1%. الفرق الجِنْدَرِيّ في الأجر الساعاتيّ – في المقابل – مستقرّ جدًّا ويقف عند 15.5%.
6. انخفض أجر الأجيرين الغربيين (الأشكناز) عام 2013 – من 42% – فوق المعدّل – إلى 32% فوق المعدّل. أمّا أجر الأجيرين الشرقيين فقد بقي على ما هو عليه، وهو يقف عند 11% فوق المعدّل. وأمّا أجر الأجيرين العرب فأقلّ بكثير من المعدّل؛ حيث يراوح – منذ عام 2008 – بين 68% و67% من المعدّل.
7. معدّل البِطالة القطريّ منخفض: أقلّ من 6%. إلّا أنّ هذه النسبة تعكس، أساسًا، البلدات اليهودية في مركَز البلاد. عند الابتعاد عن المركَز تزداد نسبة طالبي العمل جدًّا، وخصوصًا في البلدات العربية وفي قسم من بلدات التطوير: رهط (33.3%)، أمّ الفحم (30.8%)، عرّابة (27.8%)، سخنين (24.8%)، طمرة (23.9%)، المغار (23.9%)، يروحام (16.4%)، وديمونا (15.4%).
8. لا تقوم حكومة إسرائيل بموازنة النتائج غير المتكافئة للنموّ. الإنفاق الحكوميّ (بما في ذلك السلطات المحلية)، الذي وقف – عام 2013 – عند 41.3% من الناتج المحليّ الخام، وضع إسرائيل في كتلة واحدة مع دول في شرق أوروبا ودول ذات تقليد من الإنفاق الحكوميّ المنخفض، من قبيل نيوزيلندا وكندا (التي يقلّ إنفاقها على الأمن عن إنفاق إسرائيل). في حين أنّ الإنفاق الاجتماعيّ للحكومة (المخصّصات، الخدمات للأطفال، المسنّون، المعاقون، والامتيازات الضريبية) وقف في إسرائيل عند 15.8% من الناتج المحليّ الخام، قريبًا من أسفل سلّم دول الـ OECD.
9. عندما دعا الوزير سلـﭭـان شالوم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قائلًا له: “أرسل ابنك ليعمل سمكريًّا”، فإنّه عكس واقع سنوات طويلة فيها تميِّز مسارات مهْنية أو تكنولوجية، عادة، بلدات وأحياء عائلات قليلة الدخل. يتضح من فحص أجريناه على أماكن وجود مدارس شبكتي التعليم المهْنيّ الكبريين في إسرائيل، “أورط” و”عَمال”، أنّه من بين 159 مدرسة لهاتين الشبكتين، 113 (71% من عددها الإجماليّ) كانت موجودة في بلدات ذات تصنيف اجتماعيّ – اقتصاديّ متدنٍّ: 35 في البلدات العربية، 43 في بلدات التطوير، و35 أخرى في بلدات أخرى مصنّفة ضمن المجموعات الاجتماعية – الاقتصادية المتدنية، 1 حتى 5. في غالبية البلدات المؤسسة اجتماعيًّا واقتصاديًّا، في حال كانت هناك مدارس مهْنية، فغالبًا ما يكون مقرّها في الأحياء “الجنوبية”.