أموال التقاعد – من ضمان العاملين إلى ضمان الرأسمال

يهدف التوفير التقاعدي إلى منح العاملين والعاملات مصدر دخل ثابتا يستفيدون منه بعد خروجهم إلى التقاعد. إلا أننا نشهد منذ العام 1995 تحوّلا عن المسار الصحيح لهذا النوع من التوفير، ليجيَّر إلى تأمين قطاع الأعمال بمصدر للائتمان، وضمان دخل لا بأس به لشركات التأمين التي استلمت أمر إدارة صناديق التقاعد الجديدة.

يهدف التوفير التقاعدي إلى منح العاملين والعاملات مصدر دخل ثابتا يستفيدون منه بعد خروجهم إلى التقاعد. إلا أننا نشهد منذ العام 1995 تحوّلا عن المسار الصحيح لهذا النوع من التوفير، ليجيَّر إلى تأمين قطاع الأعمال بمصدر للائتمان، وضمان دخل لا بأس به لشركات التأمين التي استلمت أمر إدارة صناديق التقاعد الجديدة. هذا ما تكشفه ورقة الموقف التي ينشرها اليوم مركز أدفا بقلم باربره سفيرسكي وشلومو سفيرسكي.

أصبح جزء متصاعد من أموال التقاعد يحوَّل منذ عام 1995 إلى سوق المال ليصل اليوم إلى نسبة 70%. يترتّب على هذا الوضع نتيجتان اثنتان: فمن جهة لم يعد بمقدور الأعضاء، كما كان الأمر سابقا، معرفة حجم مخصصات التقاعد الشهرية التي سوف يتلقونها؛ ومن الجهة الثانية، ارتفع حجم الائتمان المتوفّر لقطاع الأعمال بشكل مطّرد، ليصل بين عامَي 2003 و-2007 من 528 مليار شاقل إلى 729 مليار شاقل – أي ما يعادل ارتفاعا بواقع 38%، علما أن الزيادة الأكبر قد تمّ تسجيلها في الائتمان الذي منحه “المستثمرون المؤسسيون”، وفي طليعتهم الصناديق التقاعدية: من 56 مليار شاقل إلى 190 مليار شاقل – ارتفاع بنسبة 240%.

لقد أسفر بيع الصناديق التقاعدية إلى شركات التأمين عن إلحاق ضرر إضافي بضمان العاملين بعد التقاعد، إذ أن شركات التأمين تستحوذ في الوقت الحاضر على ما بين 15% و-20% من أموال التقاعد، وذلك عبر طريقتين اثنتين: الأولى تتمثّل في فرض رسوم إدارة أعلى من الماضي قد تصل إلى 11% من المبالغ التي يخصصها عضو الصندوق، مع أنها تبلغ بالمتوسط نسبة 6%، والثانية تتمثّل في جباية رسوم تأمين على فقدان القدرة على العمل وتأمين الباقين على قيد الحياة. يعتمد سعر التأمينَين على السنّ والجندر، وعلى عوامل أخرى، وقد يعادل 7% من المبلغ المخصص للتقاعد في حالة الرجل البالغ 30 من العمر، و-15% للرجل البالغ الـ-50 من عمره، علما أن هذه التكاليف غير معلومة بما فيه الكفاية للناس، فضلا عن صعوبة الاطلاع على المعطيات.

لا شك أن النتائج التي أحرزتها شركات التأمين في سوق المال لقاء أموال أعضاء الصناديق، لا تبرّر رسوم الإدارة المرتفعة. ففي الفترة بين عامي 2004 و-2008، بلغ متوسط العائد عن صناديق التقاعد الجديدة 299 شاقلا (لقاء تخصيص ألف شاقل في السنة). فإذا اقتطعنا رسوم الإدارة، لا يبقى من الربح تقريبا أي شيء. في المقابل، لو استمر استثمار أموال التقاعد في السندات المالية الحكومية، لحصل الأعضاء على عائد لا بأس به: فباعتماد فائدة بواقع 4.8% (وهي الفائدة التي وعدت الحكومة بها منذ عام 2003 عن 30% من أموال التقاعد)، كان بالإمكان الحصول على مبلغ 768 شاقلا، أو على مبلغ 900 شاقل لو اعتمدنا فائدة بواقع 5.57% (وهي الفائدة التي كانت متّبعة قبل عام 2003).

يقترح الكاتبان أن تكفل صناديق التقاعد للموفِّرين فائدة دنيا، كما هو الحال في سويسرا. في المقابل، يرفض الكاتبان اقتراح وزارة المالية بتقسيم الاستثمارات إلى ملفات أكثر خطرا للشبيبة، وملفات أقل خطرا لمن هم على عتبة التقاعد. يرفض الكاتبان كذلك اقتراح وزارة الداخلية إلغاء مسار الاستثمار العام، وإلزام الأعضاء باختيار مسار استثمار شخصي، نظرا إلى أن السواد الأعظم من الأعضاء لا يملك المعلومات والمعرفة المتوجِّبة لاختيار من هذا القبيل. عوضا عن ذلك، في مجال التوفير التقاعدي، يفضَّل اعتماد الإدارة الجماهيرية المسؤولة.